الجمعة، 3 أبريل 2020

الشدة المستنصرية

الشدة المستنصرية
الشدة المستنصرية

تلك الشدة التي مرت على مصر في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري في نهاية عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله الذي طالت فترة حكمة لستين سنة ، 

وقبل الحديث عن الشدة المستنصرية العظمى جدير بالذكر أن تلك الفتره مرت على مصر عدة مشاكل وأزمات اقتصادية منها مثلا 
( الشدة الصغرى ) :-
والتي استمرت لعشرين شهراً ، وقد حدثت تلك الشدة لسوء تدبير الوزير وقلة خبرة الخليفة الذى كان - من أعراف الحكم - يشتري سنويا بمئة ألأف دينار غلة لضمان السيطرة على الأسواق ومحاربة جشع التجار ، وفي تلك الفترة اشار الوزير (علي البازوي ) على الخليفة بعدم شراء الغلة تلك السنة لعدم الحاجة لذلك ولقلة بصيرة الخليفة قد وافق الوزير على هذا القرار الغير سليم والذي حدث بعده مباشرة مالم يرجى حدوثه وهو جفاف نهر النيل وقلة المحاصيل وارتفاع الأسعار وازداد جشع التجار وقاموا بسحب الغلال من الأسواق وتخزينها وحدوث مجاعة ظلت لعشرين شهراً حتى من الله على مصر وفاض النيل وارتوت الزروع وانتهت الأزمه ولكن للأسف لم يتعلم الخليفة من تلك الحادثة ولم يحترز لجفاف النيل رغم مروره بتلك التجربة .

ولم تكن تلك هي الأزمة الأقتصادية الأكبر في تلك الفترة بل تلاها في عام 457 هجريا الحادثة التي نحن بصدد الحديث عنها ألا وهي 
( الشد المستنصرية العظمى ):- 

وقد حدثت تلك المجاعة القاسية التى راح ضحيتها حوالي ثلث شعب مصر نتيجة عدة أسباب منها التناحر بين فرق الجند وتغيير الوزراء بصورة مستمرة كانت تصل لاسبوع أحيانا وربما يتغير الوزير بعد يومين مما أدى لعدم وجود استقرار سياسي ولا اقتصادي أما السبب الرئيسي فكان جفاف مجرى النيل وظلت لسبع سنوات عرفت بالسبع العجاف بسبب جفاف النيل الذي ترتب عليه هلاك المحاصيل ونفوق الحيوانات وارتفاع السعار ، 
وقد قيل ان الحسن ابن الهيثم لما زار مصر أوصى ببناء سد على النيل بجنوب مصر ولكن لم تنفذ تلك التوصية حتى تم بناء السد العالي في ستينيات القرن الماضي .
حدثت تلك المجاعة واشتدت على الناس حتى صاروا يسرقون بعضهم البعض ويغيرون على بعضهم بل وصاروا يتخطفون الخبز من على رؤوس الخبازين بل ووصل بهم الحال الى أكل القطط والكلاب حتى بيع الكلب بالخمس والعشر دنانير والبيضة بيعت بعشر قراريط ولم يصبح للأملاك ثمن فالبيت ذو التسعمائة دينار بيع بتسعين بل واستبدل بوزن دقيق ، كذلك روي أن وزير الخليفة ذهب للتحقيق في جريمة ما وترك بغلته فلما خرج لم يجدها وقد علم ان الناس سرقوها وأكلوها ،
ولم يقتصر الأمر على الحيوانات بل وأكل بعضهم الجيف والميته ومن أبشع تلك الصور أن بعضهم عمد الى باب زويلة وقد تعلق عليه بعض المعدومين شنقاً فقطعوا لحومهم وأكلوها ودب الرعب أرجاء البلاد حتى خاف الأب على أولاده حتى لا يتم خطفهم وأكلهم .
ومن أبرز الروايات في تلك الشدة :
( حادثة المرأة ) !! فما قصتها ؟
ذهبت تلك المرأة ذات يوم لتبيع عقد لها ثمنه ألف دينار ببعض الدقيق ولكن اثناء رجوعها الى المنزل نهبها الناس ولم يتبق لها من هذا الدقيق الا النذر اليسير الذي لم يكف إلا لخبز رغيف واحد فوقفت المرأة على بيت مرتفع وصاحت في الناس  ( يأهل القاهرة ادعوا لمولانا الخليفة الذي أسعد الله الناس في أيامه وأعاد عليهم بركات حسن نظره حتى تقومت علي تلك القرصة بألف دينار )
وجدير بالذكر أن الخليفة نفسه قد جاع ايضا حتى اضطر لبيع رخام مقابر بعض ذويه وقد تصدق عليه أحد ابناؤه 
وكان من العلماء برغيفين يومياً .
حتى اضطر المستنصر لطلب العون من ( بدر بن عبد الله الجمالي ) والذى جعله الله سبباً لزوال الشدة وقد اشترط على الخليفة أن يأتي بجنده ويفرض سيطرته ليزيل الشدة وبعد أن وافق الخليفة وعينه وزيراً أتى الجمالي وقد سيطر على الأوضاع وحسن قنوات الري واهتم بالزراعة وطرد الجنود المتناحرة من مصر وترك المحصول لاصحابه ثلاث سنوات وأخذه في الرابعه وقد كان عادلا منضبطا قوياً حتى أن المصريين كرموه وأطلق أسمه على حي من أكبر وأشهر أحياء المحروسة وهو حي الجمالية .

انتهى ،،،


المصادر
  • المقريزي: إتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا
  • ابن تغري بردي : النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة
  • ابن إياس :إغاثة الأمة بكشف الغمة
  • رواية ابقي حيا للكاتب إبراهيم أحمد عيسى

هناك تعليق واحد: